استثمار مخلفات الزيتون يخلف عوائد اقتصادية
نجح خبراء مغاربة في تحويل بواقي عملية عصر الزيتون إلى منتجات نافعة تدخل في صناعات عديدة قد تساهم بشكل فعال في توفير مشروعات للشباب المغربي الذي يعاني بطالة تصل نسبتها إلى 11.3% وفقا للإحصاءات الرسمية لعام 2004.
وجاء ذلك في إطار مشروع لمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط لتطوير صناعة الزيتون المغربية التي تشهد اهتزازا في مكانتها بسبب ضعف الجودة، مما يهدد موقع المملكة التي تحتل المرتبة الثانية بعد اليونان في تصدير الزيتون للسوق العالمية.
وتبدو أهمية الأمر في أنه كان يتم التخلص من بواقي الزيتون التي تصل إلى 180 ألف طن سنويا بحرقها في الغلايات أو استخدامها في التدفئة أو إلقائها في أراض خالية مما قد يلوث التربة الزراعية والمياه؛ وفقا لموقع المركز الكندي لأبحاث التنمية الدولية الذي دعم مشروع معهد الحسن الثاني منذ عام 1999.
لكن الطريقة الجديدة حولت تلك الأطنان من الفضلات إلى استثمار وعائد للدخل القومي، وذلك عبر تخمير بواقي الزيتون مع عدد من الفطريات المتنوعة، حيث وجد الخبراء بمعهد الحسن الثاني أن بإمكانهم تحسين طعم هذه الخلطة، وتزويدها بمحتوى البروتينات، وتقليل مادة السيليولوز، مما يجعلها مناسبة كعلف للحيوانات يحتاجه المزارعون المغاربة.
ويوفر هذا العلف بديلا رخيص الثمن لعلف المواشي المستورد الذي ارتفعت أسعاره في السوق المغربية بعدما خفضت الحكومة المغربية معدل استيراده من الخارج.
مصدر إضافي للدخل بعصر الزيتون بالطريقة التقليدية وفي حوار مع شبكة إسلام أون لاين.نت (الإثنين 20-6-2005) قال الدكتور مصطفى عالوي بمعهد الحسن للزراعة والبيطرة: "إن استثمار بواقي الزيتون سيحول مشكلة بيئية في المغرب إلى مصدر دائم للدخل القومي ومصدر للتوظيف في المناطق الريفية".
وأشار إلى أنه تم العثور على مخلفات ثانوية أنتجت بدورها من عملية تخمير بواقي الزيتون، وهي عبارة عن كميات كبيرة من الإنزيمات أو الخمائر التي يمكن أن تشكل مواد خاما هامة في صناعات التجميل والعطور والغذاء والدواء ومبيدات الحشرات.
وكما يقول الخبير المغربي، فقد تم بالفعل تصنيع منتجات من عمليات تخمير بواقي الزيتون، حيث أنتجت مكسبات طعم مثل: التفاح والموز والأناناس، مشيرا إلى أنه يتم عرض منتجات بواقي الزيتون في معهد الحسن الثاني حتى تستفيد منها الشركات والشباب المغربي ليخوضوا غمار الاستثمار فيها.
وبالإضافة لذلك، يقول د. عالوي: إن فريق الباحثين بالمعهد صمم معصرة ميكانيكية للزيتون تعصر أربعة أطنان من الزيتون يوميا، وذلك لتحل محل المعاصر التقليدية التي يصل عددها إلى 16 ألف معصرة تساهم بـ60% من إنتاج زيت الزيتون، وتستخدم إلى الآن حصانا معصوب العينين لتدويرها.
ويشير إلى أن المعاصر التقليدية غير صحية بسبب عدم غسل الزيتون، مما يزيد من نسبة الملح به، كما أن خسائرها كثيرة حيث يضيع بسببها سنويا حوالي 900 ألف لتر زيت، فضلا عن أن الزيت الناتج بها ضعيف الجودة.
تطبيق التجربة
مراحل عصر الزيتون علي الماكينة الحديثة:
وقد طبقت هذه الأساليب الجديدة على عدة مناطق زراعية في المغرب -مثل منطقة الرشيدية جنوب المغرب في عام 2004- وقام باحثون من معهد الحسن الثاني بتدريب المزارعين والشباب على هذه الوسائل، كما بينوا لهم المشروعات الصغيرة التي يمكن أن تقوم على بواقي الزيتون، خاصة في قطاعات مثل: تصنيع العطور والأدوية والصابون وعلف الحيوانات وإنتاج مكسبات رائحة وطعم طبيعية لاستخدامها في المنتجات الغذائية.
وأشار الخبير المغربي إلى أن هذه التقنيات الجديدة التي تم تطبيقها مؤخرا ضاعفت الدخل المادي ست مرات لعائلات كانت تعيش على بيع زيت الزيتون بالطرق التقليدية، وهو الأمر الذي أدى إلى إقبال شباب مغاربة على توسيع المناطق المزروعة بالزيتون بناء على طلب من المسئولين الرسميين الذي اهتموا بالتجربة بشكل كبير.
كما أن هناك رجال أعمال مغاربة عبروا أيضا عن اهتمامهم بالاستثمار في تدوير مخلفات صناعة الزيتون، بالإضافة لرغبة أجانب من خارج المغرب في استثمار بواقي الزيتون لصناعة العطور.
وقال عالوي: إنه يوجد اليوم أكثر من 500 ألف هكتار مخصصة لزراعة الزيتون في المغرب، وهناك خطة قومية تطالب بزيادة هذه المساحة إلى الضعف بحلول عام 2010، بسبب كبر العائد الاقتصادي، ولتوفير فرص عمل، لاسيما أن قطاع الزراعة يستوعب 40% من القوى العاملة في البلاد، ويساهم بـ15% من الناتج المحلي الإجمالي.
ولأنه دائما أمامنا موارد لا نحسن استثمارها، فإن عالوي يدعو إلى التركيز على عمليات إعادة التدوير في منطقتنا العربية، لاسيما أنها ستوفر علينا ملايين الدولارات التي يمكن أن ننفقها على استيراد مواد خام لتدخل في صناعات وطنية.